الأورام الوعائية عند الأطفال: دليل شامل للأهالي حول الوحمة المسطحة والورم الوعائي الطفولي
بقلم الدكتورة كثيري – طبيبة أطفال بتيفلت
تُعتبر الأورام الوعائية من أكثر الاضطرابات الجلدية شيوعاً عند الأطفال، حيث تظهر منذ الولادة أو خلال الأسابيع الأولى من الحياة. كطبيبة أطفال في تيفلت، أتفهم القلق الذي يساور الأهالي عند رؤية هذه التغيرات على جلد أطفالهم الصغار. لذلك أردت أن أشارككم دليلاً شاملاً حول نوعين رئيسيين من الأورام الوعائية: الوحمة المسطحة والورم الوعائي الطفولي.
الوحمة المسطحة: ما هي وكيف نتعامل معها؟
التعريف والخصائص
الوحمة المسطحة، والتي تُعرف أيضاً باسم « بقعة النبيذ »، هي تشوه خلقي في الشعيرات الدموية يكون موجوداً منذ الولادة. تظهر على شكل بقعة حمراء أو وردية أو بنفسجية مسطحة ذات حواف واضحة أو غير منتظمة. هذه الوحمة لا تختفي تلقائياً مع الوقت، بل تنمو بنفس نسبة نمو الطفل.
الأماكن الأكثر تأثراً
تظهر الوحمة المسطحة بكثرة على الوجه، خاصة في منطقة الجبهة والجفون والخدين، لكنها قد تظهر أيضاً على أجزاء أخرى من الجسم. من المهم معرفة أن موقع الوحمة يلعب دوراً مهماً في تحديد المخاطر المحتملة.
المضاعفات المحتملة
معظم الوحمات المسطحة معزولة وبدون مضاعفات خطيرة. ومع ذلك، عندما تكون الوحمة على الوجه، خاصة في منطقة الجبهة والعين (منطقة العصب الثلاثي التوائم)، فقد تكون مصحوبة بمضاعفات خطيرة:
مشاكل في العين: مثل الجلوكوما أو تضخم العين
مشاكل عصبية: مثل متلازمة ستورج-ويبر التي تتضمن نوبات صرع وتأخر في النمو الحركي والذهني
هذه المخاطر تستدعي فحصاً متخصصاً يشمل فحص العين المبكر وتصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي بين الشهر الأول والسادس من العمر. الصورة أسفله
العلاج والمتابعة
لا يحتاج الطفل لعلاج عاجل إذا كان طبيعياً بشكل عام. العلاج يكون أساساً لأغراض تجميلية ويعتمد على الليزر النبضي الملون، والذي يكون أكثر فعالية عند استخدامه في سن مبكرة.
الورم الوعائي الطفولي: الورم الحميد الذي يشفى تلقائياً الصورة أسفله :
التعريف والانتشار
الورم الوعائي الطفولي، المعروف شعبياً باسم « ورم الفراولة »، هو ورم وعائي حميد يتميز بلونه الأحمر الزاهي ومظهره المرتفع. على عكس الوحمة المسطحة، لا يكون موجوداً عند الولادة في معظم الحالات، بل يظهر خلال الأسابيع الأولى من الحياة.
يصيب حوالي 5-10% من الرضع، وهو أكثر شيوعاً عند الفتيات والأطفال المولودين قبل الأوان والتوائم.
أنواع الورم الوعائي الطفولي
السطحي: بقعة حمراء زاهية بارزة على الجلد
العميق: كتلة تحت الجلد ذات لون مزرق، أقل وضوحاً في البداية
المختلط: يجمع بين النوعين السابقين
مراحل تطور الورم
يمر الورم الوعائي الطفولي بثلاث مراحل متميزة:
المرحلة الأولى (0-6 أشهر): النمو السريع خلال هذه المرحلة، ينمو الورم بسرعة مذهلة، مما قد يثير قلق الأهالي. قد تحدث مضاعفات موضعية مثل التقرحات المؤلمة أو النزيف.
المرحلة الثانية (6-12 شهر): الاستقرار يتوقف نمو الورم ويدخل في مرحلة استقرار.
المرحلة الثالثة (من سنة إلى 5-10 سنوات): الانحسار يبدأ الورم بالاختفاء التدريجي، وغالباً ما يختفي كلياً، وأحياناً تبقى بعض الآثار البسيطة مثل الندوب أو توسع الشعيرات الدموية.
المضاعفات والمخاطر
حسب موقع الورم، قد تحدث مشاكل وظيفية مثل:
انسداد الجهاز التنفسي
اضطرابات الرؤية
صعوبة في التبول
الأورام القريبة من العين تُعتبر حالة طارئة نسبياً بسبب خطر التأثير على الرؤية بشكل دائم.
العلاج والمتابعة
في معظم الحالات، تكفي المراقبة الطبية البسيطة. في حالات الأورام الكبيرة أو التي تقع في أماكن خطيرة أو عند حدوث مضاعفات، يُستخدم دواء البروبرانولول عن طريق الفم، والذي أثبت فعالية عالية وأماناً جيداً. كما قد نلجأ للعلاجات البديلة مثل الكورتيزون أو الليزر أو الجراحة.
الفروقات الأساسية: جدول مقار
المعيار | الوحمة المسطحة | الورم الوعائي الطفولي |
الطبيعة | تشوه خلقي في الشعيرات الدموية | ورم وعائي حميد |
وقت الظهور | منذ الولادة | أسابيع بعد الولادة |
الشكل | بقعة مسطحة حمراء أو بنفسجية | بقعة حمراء مرتفعة أو كتلة زرقاء |
التطور | دائمة، تنمو مع الطفل | نمو سريع ثم انحسار تلقائي |
العلاج | ليزر (لأغراض تجميلية) | مراقبة، بروبرانولول عند الضرورة |
نصائح مهمة للأهالي
كأم وطبيبة، أفهم مدى القلق الذي قد تشعرون به. إليكم أهم النصائح:
لا تخلطوا بين النوعين: الوحمة المسطحة موجودة منذ الولادة ودائمة، بينما الورم الوعائي يظهر لاحقاً ويختفي عادة مع الوقت.
أي وحمة على الوجه تحتاج متابعة: خاصة للتأكد من عدم وجود مضاعفات عصبية أو عينية.
معظم الأورام الوعائية تشفى تلقائياً: المتابعة المنتظمة مع طبيب الأطفال ضرورية لاكتشاف الحالات التي قد تحتاج تدخلاً.
لا تترددوا في الاستشارة: عند أي شك حول طبيعة أو تطور أي آفة وعائية، استشيروا مختصاً في أمراض الجلد عند الأطفال.
خلاصة القول
الأورام الوعائية عند الأطفال، رغم كونها مقلقة للأهالي، هي في معظم الأحيان حالات حميدة تتحسن مع الوقت أو تحتاج تدخلاً بسيطاً. المهم هو التشخيص الصحيح والمتابعة المنتظمة لتجنب المضاعفات النادرة لكن الخطيرة.